المجامع المسكونية الأولى




مجمع أفسس الأول ٤۳۱م



بعد خمسين عاماﱟ من انعقاد مجمع القسطنطينية ظهرت بدعتان




بدعة بيلاجيوس





ولد في بريطانيا سنة ٤٠٥م. وتردد بين روما و فلسطين. ثم رسم كاهناً, وسقط في بدعة مضمونها { أن خطية ﺁدم قاصرة عليه فقط, ولم تتسرب ﺈلى نسله, فيمكن لأي إنسان بقوته الطبيعية,وحريته المطلقة أن يبلغ أسمى درجات

القداسة بدون الحاجة إلى نعمة يسوع المسيح, أي أنه لا قيمة لفداء المسيح}




بدعة نسطور




: كان راهباً في دير ببلدة مرعش (دمشق حالياً). انتخبه الملك ثيودوسيوس أسقفاً على القسطنطينية.


وسقط في بدعة شغلت الكنيسة أجيالاﱟ عدة. فقد رفض اتحاد الطبيعة الإلهية و الطبيعة البشرية في أقنوم الكلمة المتجسد. أي أنه رفض أن ينسب إلى أقنوم الكلمة المتجسد الطبيعة الإلهية و الطبيعة البشرية وقال:- أن المسيح مكوَّن من شخصين, شخص إلهي هو الكلمة, وشخص بشري هو يسوع. دون اتحاد. بل هي مجرد امتزاج بين البشرى واللاهوتي)، وكان يرفض مشاركة العذراء مريم في الخلاص. وبالتالي ﻻ يجوز أن يطلق على مريم لقب والدة الإله.
نشر نسطور آرائه, ووصلت إلي البطريرك كيرلس الإسكندري الذي كتب إلى نسطور موضحاً له العقيدة القويمة. ورد عليه نسطور رداً مختصراً معلناً إصراره على بدعته. فعقد البطريرك كيرلس مجمعاً في الإسكندرية مع أساقفته, وأجمع رأيهم على إرسال رسائل إلى كل الكنائس برد كنيسة الإسكندرية على البدعة النسطورية متضمناً ١٢ بندا ً ينتهي كل منها بحرم من يخالفها. ووافقت كنائس روما وأورشليم على ما جاء به. ولكنَّ نسطور فصل عقيدته في ١٢ بنداً, وختم

كلا منه بحرم من يخالفها.




وهكذا انقسمت الكنيسة إلى حزبين:-


الأول يشمل روما وأورشليم والإسكندرية والقسطنطينية،


والثاني يشمل إنطاكية وبعض أساقفة الشرق إلي جانب نسطور.


فطلب الملك ثيودوسيوس الصغير, عقد مجمع مسكوني في أفسس و حدد ميعاده يوم عيد العنصرة ٤٣١ م. فتوافد على أفسس ٢٠0 أسقف منهم ٥٠ أسقفاً مصرياً برئاسة البطريرك كيرلس. واصطحب نسطور معه ٤٠ أسقفاً. ولم يحضر أساقفة الشرق ويوحنا الأنطاكي. وبسبب عدم حضورهم تأخر افتتاح الجلسات ١٦ يوماً. ثم اجتمع المجمع في غيابهم ,لكن نسطور اعتذر عن حضور الجلسات لأن أعداءه أكثر من أنصاره وطلب انتظار يوحنا الأنطاكي وباقي مؤيديه. ولم يلتفت المجمع إلي هذا الاعتذار وقرر حرم بيلاجيوس وعزل نسطور, ووضع ٨ قوانين خاصة بنظام الكنيسة. لكن سرعان ما وصل يوحنا الأنطاكي فأتفق مع أساقفته على حرم البطريرك كيرلس. ووصل الأمر إلى الملك فقرر نفى نسطور, وإعادة البطريرك كيرلس. وذهب نسطور إلى الدير الذي نشأ فيه واستمر في بث سمومه, فنفاه الملك إلى أخميم صعيد مصر ومات هناك, إلا أن أتباعه تمسكوا بتعاليمه واستمروا في

محاربة الكرسي الإسكندري فترة من الزمان.





ما بعد مجمع أفسس حتى مجمع خلقدونية





المحتوى العقائدي لمجمع أفسس كان يبدو هزيلاً في نظر البعض وفي عام ٤٣٣ م. قدم يوحنا الأنطاكي أقوى معارضي

كيرلس صيغة اتحاد ومصالحة نصها «الإتحاد بين الطبيعتين الإلهية والبشرية، وبسبب هذا الإتحاد نعترف بأن العذراء هي أم الله, لأن الكلمة صار جسداً, صار إنساناً ووافق البطريرك كيرلس على هذه الصيغة وأيد بابا روما هذا الاتفاق. ولكن المتطرفين من الجانبين لم يرضوا على هذا الإتحاد. وظهر أوطيخا وهو راهب من القسطنطينية أدعى أن:- « الطبيعة الإلهية في المسيح تشربت الطبيعة البشرية, لذا فجوهر جسد المسيح ليس من ذات جوهر جسدنا» فأسرع فلافيانوس أسقف القسطنطينية, وعقد سنودس محلى أدان أوطيخا وحرمه. فأستأنف أوطيخا الحكم مع القديس البابا ﻻون- بابا روما- وإلى ديسقورس بطريرك الإسكندرية خليفة كيرلس. فأمر الإمبراطور ثيودوسيوس صديق أوطيخا بعقد مجمع في أفسس عام ٤٤٩م. ودعا فيه أنصار أوطيخا وديسقورس وبابا روما. فأرسل البابا مندوبين يحملان رسالة واضحة ملخصها« للمسيح جسد حقيقي من ذات طبيعة أمه العذراء مريم, الطبيعتان تحتفظان بخواصهما, في أقنوم واحد) وكانت الرسالة باللغة اللاتينية وانعقد المجمع. وكان مع ديسقورس بعض الرهبان المتحمسين, وكانت جلسة عاصفة رفض فيها ديسقورس قراءة رسالة البابا ﻻون لأنها باللغة اللاتينية. وقرر عزل فلافيانوس أسقف القسطنطينية ومن معه من اللذين ينادون بالطبيعتين. و دارت معركة أصيب فيها فلافيانوس ومات متأثراً بإصابته. وسمى البابا ﻻون هذا المجمع (مجمع القراصنة) ولم تعترف روما به كمجمع مسكوني.





مجمع خلقدونية ٤٥١ م





طلب الإمبراطور مرقيانوس عقد مجمع لإنهاء هذا الخلاف برئاسة البابا ﻻون لكنه لم يستطيع الحضور بسبب حروب الهون التي اكتسحت أوربا. وأرسل نائبا عنه أحد أساقفة روما وانعقد المجمع في خلقدونية بجوار القسطنطينية. وكانت المرة الأولى التي ترأس فيها كرسي روما مجمعاً مسكونياً (وسوف يصبح هذا الوضع فيما بعد شرطاً للاعتراف بمسكونية أي مجمع – وثائق الكنيسة الكاثوليكية ٢٤٣, ٢٣٥, ٣٦٠). وجلس المعسكران القديمان على الجانبين يفصلهما الكتاب المقدس ( عدد الحاضرين ٣٣٠ أسقفاً حسب أغلب المراجع). فأعيد اعتبار فلافيانوس المتوفى . وقرئ قانون الأيمان النيقاوي القسطنيطيني صار مرجعاً ٳيمانياً, ثم قرأت بعض رسائل كيرلس, ثم قرأت رسالة البابا ﻻون التي لم تقرأ في أفسس عام ٤٤٩ . و تعرف تاريخياً باسم ( الطومس إلى فلافيانوس) (وثائق سلطة الكنيسة التعليمية رقم ٢٩٠- ٢٩٥).فصاح الجميع « هذا هو إيمان الآباء, و إيمان الرسل, نحن جميعاً نؤمن به ». و اعترض ديسقورس و أتباعه على هذه الرسالة. فقرر المجمع نفيه. وتم تصفية الخلافات التي حدثت في (مجمع القراصنة) بأفسس عام ٤٤٩م. وتم تحديد العقيدة بهذه العبارة :- ( المسيح شخص واحد بطبيعيتين) وصدق البابا ﻻون والإمبراطور على هذه القرارات



.
بالرغم من الصيغة المتوازنة لقرارات المجمع لم يحل السلام. فأنفصل معارضو المجمع (ديسقورس) عن الكنيسة الرسمية. و اختار غالبية المصريين ( الطبيعة الواحدة = المنوفيزية) كعقيدة وطنية, لكنهم أدخلوا قانون الأيمان النيقاوي القسطنيطيني في طقوسهم لكي يظهروا أمانتهم لتقليد أقدم من التحديث الخلقدوني وأطلق المعارضون على أنفسهم (اليعاقبة نسبة إلى يعقوب البر ادعى الأسقف الذي نظم الكنيسة السريانية. ثم أطلقوا على أنفسهم فيما بعد (الأرثوذكس) أي ذوي الرأي القويم. أما الموافقون على قرارات خلقدونية فيسمون (الملكيين) ثم أطلق عليهم فيما بعد (الكاثوليك). وبالرغم من هذا الانفصال أدخل الأرثوذوكسي في قداسهم صلاة الاعتراف بالإيمان لفظ « لاهوته لم يفارق ناسوته ....وجعلها واحداً بلا اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير» رداً على اتهامهم (بالاوطيخية).