تكوين إكليروس للأقباط الكاثوليك منذ ١٧٢٠ حتى اليوم







تكوين إكليروس للأقباط الكاثوليك منذ ١٧٢٠ حتى اليوم




ألح مجمع نشر الأيمان في طلب إلى رئيس الإرسالية الفرنسيسكانية بمصر أن يعمل المرسلون ما في وسعهم ﻹعداد طلبة من الأقباط الكاثوليك لإرسالهم إلى كلية نشر الأيمان بروما. وكانت هناك عائلات كاثوليكية أصلاً, قد تغذوا منذ نعومة أظافرهم بالروح الكاثوليكية, وهذا القطيع الصغير (حوالي ٢٥٠٠ نسمة) كان في حاجة إلى إكليروس مثقف تشيع فيه التقوى وأنوار الفضيلة.




وكان من الشبان الذين وقع عليهم الاختيار وسافروا في أول بعثة في مايو ١٧٢٤ روفائيل ميخائيل طوخي, وصالح يسطس المراغى. وتم رسامتهما كاهنين بعد إتمام الدراسة الإكليريكية, وعادا إلى القاهرة في فبراير١٧٣٢ وأقاما عند الآباء الفرنسيسكان.




لكن سرعان ما دب الخلاف بينهما وبين المرسلين الفرنسيسكان لأسباب تتعلق. أولاً: سلطة الولاية على المؤمنين. وثانياً: تمسكهما بالمحافظة الدقيقة على أصول الطقس القبطي وعدم إدخال صلوات خارجة عنه. ففضل الأب صالح مراغي أن يتوجه إلى أخميم مسقط رأسه ويقيم كنيسة قبطية كاثوليكية بها, أما الأب روفائيل طوخي فقد استأجر مسكناً خاصاً به في حي الموسكي بالقاهرة, وكان يحتفل بقداسه اليومي في كنيسة الآباء اليسوعيين بالموسكى. ثم سافر إلى روما كمدرس للغة القبطية ومترجماً لكتب كنيسة الإسكندرية الطقسية, وسافر معه ثلاث شبان للدارسة في روما هم: عبد السيد بطرس النجار, وبسادة الفرارجي (لم يكمل دراسته), وروكسي قدسي الصباغ (الذي تعين عام ١٧٦١ وكيلاً للأنبا أنطونيوس فليفل ثم أصبح مديراً رسولياً سنه ١٧٧٤ ثم نائب رسولي للأقباط الكاثوليك عام ١٧٨١ ).
كما سافر بعد ذالك أقباط آخرون وتتلمذوا هناك على يد روفائيل طوخى الذي رُسم أسقفاً في روما، وهم ميخائيل بشيري (١٧٢٥ ), وبشاي بليطى وأبو الخير بشارة( ١٧٣١ ) واسحق قرياقصى وڤيكتور مصري, فمات أبو الخير (١٧٤٦ ), ويوحنا الفرارجي (١٧٥٢ ) و عادوا جميعاً إلى مصر بعد رسامتهم لخدمة الرعايا, و كانوا يتقاسمون المسكن مع المرسلين الفرنسيسكان. وفي عام ١٨٧٥ بدأ إرسال بعض الطلاب لدراسة اللاهوت في الإكليريكية الشرقية ببيروت التي يشرف عليها الإباء اليسوعيون.




التعليم الإكليريكي في مصر




وافق مجمع انتشار الأيمان على فتح معهد إكليريكي بمصر (١٨٧٩ ) بناء على طلب النائب الرسولى أغابيوس بشاي. على أن يتولى إدارته الإباء اليسوعيون. وحضر إلى مصر اثنين منها وسكنا منزلاً صغيراً بحي بالموسكى, وحضر بعدها كاهنين يسوعيين آخرين. واستأجروا قصر باغوص باشا غالى بحديقة روزيتا بالموسكى ( هدم عام ١٨٨٩ و موقعه الآن درب البرابرة) و كان هذا القصر أول مقر للمدرسة الإكليريكية للأقباط الكاثوليك وافتتحت في اكتوبر١٨٧٩, وتعطلت الدراسة بها بسبب الثورة العرابية. وكان الاتفاق أن تكون الدراسة التمهيدية في هذه الإكليريكية الصغرى في القاهرة, ثم تستكمل الدراسة في الكلية الشرقية للآباء اليسوعيين ببيروت. و كان عدد الطلبة ٨ طلبة مقيمين، ١٤ طالباً خارجياً. ونقلت المدرسة إلى مبنى مجاور لمدرسة العائلة المقدسة بالفجالة.
وفي عام ١٨٩٥ تم افتتاح إكليريكية مؤقتة بالمنيا على يد الأنبا كيرلس مقار تحت إدارة الآباء اليسوعيين, كان هدفها تعليم الراغبين في الكهنوت من المتزوجين, التحق بها ١٤ طالباً, لكنها أغلقت بعد سنة.
في أوائل مايو ١٨٩٦ كتب كل من الأنبا كيرلس مقار بطريرك الأقباط الكاثوليك, والأنبا مكسيموس صدفاوى مطران المنيا, والأنبا أغناطيوس برزي مطران طيبة (الأقصر). رسالة إلى البابا لاون الثالث عشر بحاجة الطائفة الملحة إلى مدرسة إكليريكية, مع الاحتفاظ بالإكليريكية الصغرى في القاهرة, واقترحوا أن بكون مقرها في طهطا مركز الكثلكة في الصعيد. ووافق البابا, وتم وضع حجر الأساس في يناير ١٨٩٧, وافتتحت في نوڤبر ١٨٩٩ وعيَّن القمص أثناسيوس سبع الليل أول رئيساً لها. و كان عدد الطلبة في العام الأول ٢٥ طالباً, ومدة الدراسة ثلاثة سنوات.
وفي عام ١٩٢٧ في عهد الأنبا مرقص خزام, افتتحت مدرسة إكليريكية صغرى بالقاهرة في منزل مستأجر لهذا الغرض بشارع أبو الريش (يوسف سليمان حالياً بالفجالة) ملاصق لكنيسة القديس انطونيوس يدرس الطلبة في الفترة الصباحية بمدرسة الآباء اليسوعيين, والمنزل مخصص لدراسات الفترة المسائية والمبيت. وكان الطلبة ٣٠ طالباً (اشترت الكنيسة هذا المنزل وضم مباني الكنيسة عند توسيعها عام ١٩٥٣ ). وفي أغسطس ١٩٤٥ تأسست إكليريكية تحضيرية أخرى في طهطا في مبنى مستأجر من المدرسة الابتدائية الوطنية. وفى عام ١٩٤٧ نقلت إكليريكية طهطا والقاهرة إلى طنطا في مبنى كلية القديس لويس للآباء الأفريكان, وكان عدد الطلبة ١٢٧ طالباً (٢٦ في القسم التحضيري, ٨٠ في الإكليريكية الصغرى, ١١ في قسم الفلسفة و اللاهوت) (بيع المبنى بكامله و هو الآن مقر جامعة في طنطا).




مع ازدياد الراغبين في الدراسة الكهنوتية, أقيم مبنى خاص جديد في ضاحية المعادى على مساحة ٨٠٠٠ م, وافتتح رسمياً في نوڤبر ١٩٥٣ تحت ٳدارة الكاردينال ٳاسطفانوس الأول ( قبل رسامته بطريركاً) وكان يعاونه الآباء اللعازريين.




تطور تنظيم طائفة الأقباط الكاثوليك




اعتاد المؤرخين الأقباط الأرثوذكس في مقالاتهم ومؤلفاتهم أن يجعلوا من المعلم غالى مؤسساً لطائفة الأقباط الكاثوليك ( تاريخ الأمة القبطية – لجنة التاريخ القبطي طبع ١٩٢٢ , قصة الكنيسة القبطية – ايزيس حبيب المصري). ومنذ عام ١٢٣٥ صار الأقباط الكاثوليك يستقبلون بطريقة منظمة الرهبان الفرنسيسكان القادمين من جبل صهيون و يقبلون منهم الأسرار المقدسة. وفي سنة ١٣٢٥ أقام الفرنسيسكان مقراً لهم في الإسكندرية. ويذكر أحد المؤرخين أن كاهن فرنسيسكاني كان يقيم في مصر القديمة لتنظيم الرعاية مع الكهنة القليلين الأقباط الذين تمسكوا بإتحادهم بروما. وكان يوجد في القاهرة والإسكندرية وبعض قرى أسيوط وأخميم والأقصر عائلات قبطية كاثوليكية منطوية على نفسها, أو مختلطة بالجاليات الأوروبية.




وجاء في تقرير سكرتير مجمع انتشار الإيمان عن الحالة المسيحية في مصر سنة ١٦٧٨ . أن عدد الأقباط الكاثوليك حوالي ٢٠٠٠ نسمة وعدد الأرثوذكس ٤٠ ألف.وإنه في مصر القديمة يوجد سبع كنائس كاثوليكية خلاف كنائس اللآتين الموجودة في القنصليات وأنشأت النيابة الرسولية بمصر سنة ١٦٨٧.
وانتعش الأقباط الكاثوليك, ففكروا في إعادة السلطات الكنيسة الخاصة بهم. وفي عام 1723 وُضع الأقباط تحت ولاية بطريرك أنطاكية للروم الكاثوليك ،إذ كان له الصلاحية في التجول في الإمبراطورية العثمانية، إلا انه لما انضم الأنبا أثناسيوس مطران القدس إلى الكنيسة الكاثوليكية عام ١٧٣٩ أقامه البابا بنديكتوس الرابع عشر نائباً رسولياً على الأقباط الكاثوليك حتى تعين الأنبا كيرلس مقار أول بطريركاً لها من عام ١٨٩٥ – ١٩٠٨ . وفي عهد البطريرك الكاردينال اسطفانوس الأول وصل عدد الأقباط الكاثوليك حوالي ٢١٠ إلف نسمة, يخدمهم حوالي ١٨٠ كاهناً بالإضافة إلى ٦٠ راهباً.




والبطريرك الحالي هو الأنبا/ أنطونيوس نجيب


.