الأقباط تحت الحكم الإسلامي

الأقباط تحت الحكم الإسلامي
بعد وفاة المقوقس بثلاثة شهور اُختير الشماس/ بطرس بطريركاً للملكيين في مصر. ويبدو أن تأخير اختياره كان راجعاً إلى تردد الكثيرين في قبول هذا المنصب, ورغبة الملكيين في استشارة القسطنطينية بعد أن انفصلت الأمور الدينية في مصر عن السلطة المدنية, و انعدم الأمل في العودة إلى حوزة الإمبراطورية البيزنطية. أما عمرو بن العاص, كتب إلى البطريرك بنيامين طالباً منه أن يعود ليدير بيعته وطائفته. فعاد بنيامين إلى الإسكندرية بعد غيبة استمرت ٣١ سنة. وأحسن عمرو استقباله, كما عاد كثير من الأقباط الهاربين إلى أراضيهم. كانت سياسة عمرو ترمى إلى كسب مودة الأقباط , واحترام شعورهم الديني, ولم يستولى على ممتلكات الكنيسة, لكنه كافأ الأقباط اليعاقبة على خدماتهم للعرب, إذ تركهم يستولون على معظم كنائس الملكيين وأديرتهم. ولم يضغط على الأقباط ليعتنقوا الإسلام وكلفهم بحصر الضرائب, وعين لهم قاضياً مسيحياً ليحكم بينهم حسب ما جاء في شريعتهم.

وتولى عبد العزيز بن مروان ولاية مصر بعد وفاة عمرو (٦٨٥ م)، وهو أول من فرض الجزية على الرهبان والأساقفة والبطاركة. وخلاف ذلك كان حكمه عادلاًً. واتخذ له كاتبين أرثوذكسيين هما أثناسيوس, واسحق وخدما مصالح الأقباط ومصالح البطريرك يوحنا السمنودى(٦٧٧ – ٦٨٦م). وكان بعض حكام الأقاليم من الأقباط أشهرهم بطرس حاكم الصعيد الذي اعتنق الإسلام في نهاية حكم عبد العزيز بن مروان. وكان حاكم مريوط يتبع المذهب الملكي. ثم تولى ولاية مصر قرة بن شريك الذي ترك معظم وظائف الدولة في أيادي الأقباط. لكن الأمر لم يدم طويلاً. فقد عارض الخلفاء الأمويين هذه السياسة, ومنعوا استخدام المسحيين في الإدارة وأعمال الدواوين, مما أدى إلى اعتناق عدد كبير من الموظفين الدين الإسلامي. تولى مصر بعد ذالك ٩٨ واليا حتى عام ١٥٦٠ (بدء الفتح العثماني) لا يتسع المجال لذكر أحوالهم مع الأقباط بالتفصيل لكن سنذكر أهم أحداث.

عام٧٠٥ م:- أصدر عبد الملك بن مروان قراراً يحتم استعمال اللغة العربية في جميع المعاملات الرسمية, وبذلك أهملت تدريجياً اللغتين القبطية واليونانية.

عام ٧١٤ م:- فولاية اسحق بن يزيد, صُادرت أملاك الأقباط وإلزام الرهبان بلبس خاتم من الحديد منقوش عليه أسمائهم وموعد دفع الضرائب, وإذا قبض على أي راهب ويده خالية من الخاتم, قطعت يده, فهرب بعضهم واختبئوا في الأديرة, لكن قبضت عليهم الشرطة, وحكم عليهم بالإعدام بقطع الرأس أو الجلد حتى الموت. في عهد هذا الوالي هدمت الكنائس......الخ. ولكن في عهد عمرو بن عبد العزيز, ألغيت الجزية عن الرهبان والأساقفة وسمح للأقباط بترميم الكنائس.

عام776 م:- في عهد هشام بن عبد الملك تعين قزما بطريركاً للملكيين(الكاثوليك) بعد أن ظلوا ٧٧ سنة بدون بطريرك (من أوائل الفتح العربي إلى خلافة هشام). وأعيدت إليهم معظم كنائسهم التي كان قد استولى عليها اليعاقبة.

عام ٧٥٤ م:- كوَّن أقباط الصعيد جيشاً لتحرير البلاد في عهد عمرو بن عبد العزيز, لكنهم هزموا.

عام ٧٥٥- ٧٧٩ م:- تكون جيش من أقباط الوجه البحري بقيادة مينا بن بكير. استولى على سمنود ورشيد والبحيرات ودمياط. وهزموا جيوش الوالي عمرو بن عبد العزيز, تلاه جيش مروان, ثم جيش الكوثر بن الأسود الذي انتقم بأن قبض على البطريرك ميخائيل, ورد الأقباط على ذالك بأن أحرقوا مدينة رشيد وقتلوا من فيها من المسلمين. لكنهم هزموا عام ٧٧٦ م على يد موسى بن على.

عام ٨٣٧ م المتوكل على الله:- أمر أن يلبس الأقباط ملابس خاصة تميزهم عن المسلمين, ومنعهم من ركوب الخيل, وهدم الكنائس, وعلق على منازل المسحيين صور الشياطين. ومنع ظهور أي صليب, وسوى مقابرهم بالأرض.
عام ٨٨١ م أحمد بن طولون:- حبس البطريرك ميخائيل الثالث(٨٨٠ – ٩٠٧ )، لأنه عجز عن دفع الجزية. وحرق كنيسة القيامة بالإسكندرية. وظل كرسي الإسكندرية بدون بطريرك مدة ١٤سنة.

العصر الفاطمي

٩٨٠ م:- تزوج العزيز بالله بن المعز امرأة كاثوليكية أنجب منها (ست الحسن). فعطف على الأقباط. وكان عهده عهد مساواة بين عنصري الأمة, وإصلاح وبناء للكنائس.

١٠٠٨م :- عصر الحاكم بأمر الله من أسود العصور الإسلامية على الأقباط, فطردهم جميعاً من أعمالهم, وألزمهم بزى خاص, ومنع الاحتفال بالأعياد, وأغلق جميع الكنائس, وألزم المسحيين بتعليق صليب ثقيل وزنه ٥ أرطال( حوالي ٢ كيلو) على رقابتهم- من سبب لهم كدمات زرقاء على عظام الرقبة- (وهنا جاءت تسميتهم بالعظمة الزرقاء)..... وتذكر عدة مصادر أن في عهده اعتنق ٤٢ ألف قبطي الدين الإسلامي هربا من الاضطهاد. ولكنه عاد وتسامح مع الأقباط في أواخر أيامه وسمح بفتح الكنائس. وهناك مصادر تذكر انه اعتكف في دير العريان بحلوان ومات ودفن هناك. لكن مصادر أخرى تذكر انه ركب حماره وصعد إلى الجبل المقطم واختفى هناك.

١٢١٨م:- صلاح الدين الأيوبي هدم كنيسة القيامة بالإسكندرية. لكن في عهده دخل مصر عدد كبير من الأقباط الذين كانوا هاربين من الاضطهاد (حوالي ١٠ ألاف) كما سمح لمن اعتنق الإسلام أن يعود إلى المسيحية. وأثناء الحروب الصليبية, قتل الوالي الكامل بن العادل جميع المسحيين في دمياط بمن فيهم شيوخ و أطفال أثناء حصار الملك لويس لها أثناء الحروب الصليبية.

١٢١٨م:- مجمع ليون اشترك أباء الكنيسة الإسكندرية في هذا المجمع, و تلوا قانون الأيمان أثناء الذبيحة التي قدمها البابا غريغوريوس العاشر. وكرروا ثلاثة مرات أن الروح القدس منبثق من الآب والابن, واقسموا أن يستمروا متحدين في روما.١٤٣٩م:- مجمع فلورنسا أرسل البطريرك يؤانس الحادي عشر رسالة إلى بابا روما مضمونها أن الأقباط الأرثوذكس جحدوا أخطائهم, وأعلنوا إيمانهم, وحرموا كل من يتجاسر ويمس سلطة الحبر الروماني إدارياً أو دينياً. وفي هذه السنة كان كل من البطريرك القبطي والمندوب البابوي (الأب ميلان الفرنسيسكاني) يعملان معاً في محبة. واجتمع الأساقفة الأرثوذكس في حارة زويلة, ووافقوا على اشتراك الأنبا اندراوس أسقف دير القديس انطونيوس منتدباً عنهم لحضور مجمع فلورنسا, و هناك وافق على جميع قرارات المجمع. وعادت الصلات الأخوية, لكن انتاب هذا الاتفاق حالة ركود حتى القرن الثامن عشر, ولم يصدر من أي طرف أي عمل ايجابي أو سلبي يغير الأوضاع. ويذكر المحللون أن سبب هذا الركود هو الحالة المضطربة التي كان يعيش فيها الأقباط, يضاف إلى ذلك أن المرسلين الذين حضروا إلى مصر كانوا يجهلون لغة البلاد, لكن مع ذلك يمكن أن نصرح أن الكنيسة القبطية تأثرت بالتعاليم الرومانية, وكان لبابا روما نوعاًً من التقدير والاحترام.